أشجار الباوباب في مدغشقر |
في دراسته عن نظرية المعرفة بأفريقيا, أشار الباحث النيجيري "أنسيلم كولي جيمو" (2017, ص124) إلى أن الأنطولوجيا (علم الوجود) الأفريقية تفترض عالمًا وحدويًا, حيث المعرفة الأفريقية التقليدية لا تقسّم مجالها إلى: العقلانية والتجريبية والروحانية.
فكل هذه المجالات الثلاثة تشكل في النظرية الأفريقية نمطا واحدا من المعرفة, مما يعني أن النظرية الأفريقية التقليدية ترى الإنسان والطبيعة كسلسلة واحدة لا ينفصلان.
"المعرفة، بالتالي, تأتي من التعاون بين جميع الكليات البشرية والخبرات،" يقول روش و أنيانو (1984, ص94) في كتابهما عن "الاتجاهات الفلسفية الرئيسية في أفريقيا المعاصرة". فالأفريقي "يرى ويشعر ويتخيّل ويعقل أو يفكر ويدرك - كلها في آن واحد. ومن خلال هذه الطريقة فقط يدعي أنه يملك معرفة الآخر. لذا ، فإن الطريقة التي يصل بها الأفريقي إلى معرفة الواقع الجديرة بالثقة .. هي تجربة بديهية وشخصية."
"المعرفة، بالتالي, تأتي من التعاون بين جميع الكليات البشرية والخبرات،" يقول روش و أنيانو (1984, ص94) في كتابهما عن "الاتجاهات الفلسفية الرئيسية في أفريقيا المعاصرة". فالأفريقي "يرى ويشعر ويتخيّل ويعقل أو يفكر ويدرك - كلها في آن واحد. ومن خلال هذه الطريقة فقط يدعي أنه يملك معرفة الآخر. لذا ، فإن الطريقة التي يصل بها الأفريقي إلى معرفة الواقع الجديرة بالثقة .. هي تجربة بديهية وشخصية."
وأعتقدُ أنه يمكن فهم هذه النظرية بشكل جليّ وعميق من خلال الكثير من أمثال وحكم الشعوب الأفريقية, حيث المعاني تُقرّب للسامع بالتشبيه بين موضوع المثل/الحكمة وبين الطبيعة التي يعيشها الإنسان الأفريقي, والذي يؤكّد بالفعل أن الإنسان الأفريقي يدرك ويلاحظ ما حوله من الطبيعة.
"الحكمة كشجرة الباوباب. لا يمكن لشخص (واحد) احتواؤها وتبنيها"
ففي هذا المثل, شُبِّهَت الحكمة بشجرة "باوباب" للإشارة إلى اتساع الحكمة وأهمية المعرفة, إذ "الباوباب" شجرة أسطورية لها هيبتها في القارة الأفريقية وهي محط اهتمام العديد من العلاجات التقليدية والفولكلور الأفريقي.
وإذ تعرف شجرة الباوباب لدى المجتمعات والشعوب الإفريقية بأسامي مختلفة، إلا أنها شهيرة بـ"شجرة الحياة". ولذا يمكن القول بأن هذا المثل يشير إلى أن الحكمة والمعرفة عمليتان مستمرتان مدى الحياة، وأنه من المستحيل للفرد معرفة كل شيء.
أو أن كل شخص يمرّ عبر الحياة وهو يجمع ويفحص ويستخدم جميع المعارف والخبرات التي اكتسبها في أن يصبح الشخصية التي يحلم بها, وتحقيق الأهداف التي يسعى إليها.
وقد يفسر المثل أيضا بأن الحكمة مستمدة من التجارب والمعارف الجماعية المتواصلة، ومن ثم لا يمكن لأي شخص تبنيها وتخصيصها لنفسه فقط.
أما شجرة الباوباب, فهي من الأشجار الضخمة في أفريقيا - بل هناك واحدة من أشجار الباوباب القديمة المجوفة في زيمبابوي كان حجمها كبيرا لدرجة أن داخلها يسعُ ما يصل إلى 40 شخصًا.
هذا مع أن 80٪ من جذع الباوباب يحوي الماء - وهو مورد قيم للحياة, بينما يصل عمر الشجرة ما بين 1500 و 3000 سنة.
هذا مع أن 80٪ من جذع الباوباب يحوي الماء - وهو مورد قيم للحياة, بينما يصل عمر الشجرة ما بين 1500 و 3000 سنة.
وبالتالي, فإن الحكمة تأتي من التعلّم من التجارب وواقع المجتمع, كما أن المعرفة تتطلب ملاحظة البيئة المحيطة والتعامل مع الآخرين للاستفادة من المعرفة التي استوعبوها في مختلف مراحل الحياة.